Hroof Arabia

Arabic Alphabet To write in politics, literature, art and all these intellectuals' concerns. Political and Historical Analyses. Writing in Arabic about politics, the business of the politics, the politics of the business, and the tribalism and religion roles in the historical and recent conflicts in Africa! Starting from the Horn of Africa (Djibouti, Eritrea, Ethiopia, Somalia, Sudan,) Kenya, Uganda etc..

الأحد، نوفمبر ٢٠، ٢٠٠٥

استنطاق الدلالات التاريخية في القرن الافريقي - 6

علي هذا النحو كان الصراع بالنسبة للجانب الإثيوبي، يعبر عن نوازع الهيمنة والتسلط، ولم يعبر يوما عن حوار قومي، رغم أن السلطات الإثيوبية استخدمت تراث القوميات، التي عرضتها للقمع التاريخي، في ما يشبه التظاهرة التراثية، وعينت عددا من الشخصيات، التي تمثل تلك القوميات، في الحكومات المختلفة، ووقفت بل واستخدمت كل أدوات القمع المحلـية والمسـتوردة ضد نمو القومية الإرتريـة

ولم يكن نمو هذه القومية شيئا جديدا حدث في هذا القرن أو القرن السابق، بل كان نموا استمد جذوره من حركة الهجرات والتحولات الأولي في المنطقة، قبل بداية التاريخ الميلادي. وهو النمو الذي سبق نمو القومية الإثيوبية. وهو لم يتخذ الصفة الإرترية بشكل متعمد، لأن حركة التاريخ في المنطقة كان يتم تجييرها أو استخدامها دائما لمصلحة الأنظمة الإمبراطورية والديكتاتورية الإثيوبية، وليست لمصلحة الشعوب

ويكون هذا الكلام واضحا عندما نعطي دلائل طبيعية علي ذلك السبق في النمو القومي. أول هذه الدلائل هو البحر، حيث جذب الساحل الإرتري إليه الهجرات القديمة، التي استقرت وتمازجت بالهجرات القادمة من شمال السودان وأعالي النيل، والتي كونتها قوميات كوشية ونيلية

ولما كانت السواحل في العـادة واحدة من مكـونات الحضارة، فمن المعقول أن تسهم في إحداث نوعـين من التغيير، يلتقـيان في التحول ( الاجتصادي )، وأن يصبح لها وضعان يتمثلان في الاستقرار والانتقال. ومن الوضع الثاني، وهو وضع الانتقال، تكونت الشعوب في الجنوب ( إثيوبيا ) في المرحلة اللاحقة. لكن هذا لا ينفي بدوره تمازج الشعوب المستمر في كل هذه المنطقة، إنما قصدنا أن نقول، إنه من الطبيعي بفعل حركة التاريخ، أن تكون المناطق المتاخمة للسواحل، هي أول مناطق التكوينات الجـديدة، الناجمة عن الهجرات من خارج المنطقة المحـددة. وهذه المسألة نلمس آثارها في ثقافـة وتراث تلك الشعوب

وثاني هذه الدلائل هو البحر أيضا، وذلك لأن البحر الأحمر، ومنذ الفترة التي سبقت ميلاد السيد المسيح، لم يكن يعرف بهذا الاسم، إنما كان يعرف باسم البحر الإرتري، وهو اسم أطلقه عليه اليونانيون في القرن الثالث قبل الميلاد، ولابد أن التسمية التي تم تفسيرها باسم البحر الأحمر لا ترجع إلي ما تعكسه الكائنات البحرية من لون أحمر فحسب، بل جاءت من اسم قديم لجزيرة في اليونان، كان اسمها إرتريا (12)، ورغم أن الطليان جددوا الاسم اليوناني، وأطلقوه علي البلاد بعد توحيدها سياسيا، في مرسوم الملك الإيطالي همبرت الأول، الذي أصدره في أول يناير 1890 م، إلا أن ذلك لا يمنع من القول باحتمالات إطلاق الاسم علي سكان هذا الساحل قبل ذلك التاريخ، وذلك يعني في فترة لم تكن إثيوبيا قد وجدت فيها

ويضع توحـيد الإيطاليين لإرتريا بعد التحكم عليها كمستعمرة، يضع علامة هامة في التطور الذي وصل إليه نمو القومية الإرترية، وذلك هو ثالث الدلائل علي هذا السبق

نتيجة لذلك كان التاريخ الإرتري يسير في طريق مختلف عن ذلك الذي سارته إثيوبيا. من هنا فقد اتسم نمو القومية الإرترية بالتميز والارتباط الحار الذي أنتج ما أطلقنا عليه (علاقات المودة الطاغية بين القوميات الثقافية، والغيرة المتبادلة في تعزيز هذه العلاقات بما يميزها عن علاقات الشعوب المجاورة)

هذه العلاقـات التي نتحـدث عنها باستمرار – وذلك لندرتها فعليا في المنطقة - والتي مـيزت نمـو القومـية الإرترية، استمـدت منها الـثورة في إرتريا ملامـحها، وأسهمـت بدورها في تعـزيزها، من خـلال خطابها السياسي، المختلف بدوره عن خطـاب الثورة في إثيوبيا

لذلك فإن الاستماع إلي مثل هذا الخطاب، وجهود المشاركة في التوجه القومي، تظل أقوي هنا مما يقابلها هنـــــــاك

و…. يبقـي هـذا بالتأكـيد دائمـا ســـر الانتصار

Khalid
Gondar