Hroof Arabia

Arabic Alphabet To write in politics, literature, art and all these intellectuals' concerns. Political and Historical Analyses. Writing in Arabic about politics, the business of the politics, the politics of the business, and the tribalism and religion roles in the historical and recent conflicts in Africa! Starting from the Horn of Africa (Djibouti, Eritrea, Ethiopia, Somalia, Sudan,) Kenya, Uganda etc..

الخميس، نوفمبر ١٧، ٢٠٠٥

استنطاق الدلالات التاريخية في القرن الافريقي - 4

إن التحولات التي نتجـت عن الهجـرات القديمة والتمازج في الأرض الإرترية ، خلقت شعبا مميزا ، مدركا لأصول وحدته القومية الآن . ويظهر ذلك بكل وضوح من خلال علاقات المودة الطاغية بين القوميات الثقافية ، والغيرة المتبادلة لتعزيز هذه العلاقات بما يميزها عن علاقات الشعوب الأخرى المختلفة في المنطقة .

هذا الإرث من التحول نتج بشكل أساسي ، عن الطريقة السلسة التي تم بها ، لذلك فهو لم يُصَبْ بعقـدة التحـول القسري ، الذي كان قد تم فرضه علي الأقاليـم التي تكونت منها الإمبراطورية الإثيوبية . ويبـدو أن التعلــيل المعقـول لهـذا التحـليـل هو كما قالـت إحدى المراجع ( إن المهاجـرين يتكيفـون سلمـيا ، أو يغـيرون بشكـل محسوس ، الحضارة التي كانت سائدة قبل مجيئهم ، أما الغـزاة فهم يجـبرون المـقيمين علي تبنـي ثقافـات وأساليب حـياة مختلفـة ) لـهذا فعادة ما يتم الترحـيب بالمهاجـرين ، ويبـدأ التفاعـل معهـم فتنتج التحولات ، وعادة ما يتم رفض الغزاة ، ومواجهتهم بكل الأساليب ، حتى وأن طالت تلك المواجهة ، مثل ما يحدث الآن بالنسبة لحركات العفر والأرومو والاوغادين وغيرها من القوميات التي تم دمجها قسرا في إثيوبيا .

من هنـا يمكن أيضا فهم الرفض الإرتري المستمر للغزاة سواء كانوا من الملوك التقراي أو الأمهـرا ، في مختلف حقب التاريخ ، والمواجهات التي تصدت للغزاة الأتراك والأمويين من قبلهم .

إلا أنه لا يمكن القول بأنه لا يوجد ولو تأثير طفيف من ثقافة الغزاة . ولا يعد هذا التأثير الطفيف الظاهري ، بحجم التحول العميق الذي تحفره العلاقة بالمهاجرين ، وهو أي هذا التأثير الطفيف ، عادة ما يكون ظاهريا أكثر من كونه جوهريا ، لذلك فسرعان ما يتلاشي .

من هـنا يمكـن القـول بثقة مؤكدة بأن ثقـافات عقـائدية لم تتميز بالقـبول إلا عـندما هاجـرت وجاورت ، وحاورت بأسلوب من العُشرة ( بضم العين وتسكين الشين وفتح الراء ، وهي كلمة مميزة في ثقافة الـدارج والاجتماعي السوداني ) ، وعلي هذا النحو تم التحول ، أما عندما حاولت فرض ذلك بالعنف ، فقد تعرضت للصدام والآلام .

وتعزز مثل هذه المعرفة بدورها ، وتسم بالتميز علاقات المودة الطاغية بين القوميات الثقافية في إرتريا ، ولابد أن التنظيم السياسي الإرتري بخطابه الثقافي ومنهجه الواعي الواثق ، قد أسهم بنصيب وافر في تعزيز أصالة هذا الوعي القومي .

نقول أصالة ، لأن هذا الوعي الذي انبث في الـذات الإرترية ، نبت في بدائياته وتجسد ، من خلال المقاومات الأولي للغزاة ، قـبل تكـوين إرتريا كـدولة . فقـد تكون في إطار المنطقة الصغيرة ، والتي تعـتبر كوحدة جغـرافية وطـنا لعشيرة أو مجموعة بيوت صغيرة ، وحيث تجسد الـولاء لهذه المنطقـة ، وللعـرف والتقـلـيد الـذي يحكـم هذه العشيرة ، أو هذه المجموعة من البيوت ، من خـلال رفـض الأجنبـي إذا جـاء غـازيا ، وقـبوله إذا جـاء مهاجـرا ومجـاورا ومحاببـا ، وتفضيله عن الغـازي بل ودعوته حتى إلي المساعدة في رد ذلك الغازي .

كانت هذه هي الفلسفة البسيطة لذلك التحـول الذي أنجـب إرتريا بمواصفاتها الراهنة .

ولقد استمرت هذه الفلسفة في تجلياتها ، منذ امتزاج ثقـافة المرتفعات بثقافة البجا التي أشار إليها ترفاسكيس (11) ، ومنـذ أن أنتـج ذلك الامتزاج الذي كان حميمـا سكان اليوم ، وميزهم عن سكان تقراي . لذلك فقد كانوا يبدون مقاومة مستمرة لأي محاولة ضم من أي نوع من أنواع الحـكم في الأراضي المجاورة ، التي صارت تعـرف باسم إثيوبيا .

وبهذا الفهم يمكن القول ، بأن أي شكل من أشكال التمرد القـديمة علي القهـر الخارجي يعد ثورة . ورغم أن البلاد لم تكن قد اتخذت شكلها الحالي في ذلك الوقت ، إلا أن تلك الثورة في مناطقها المعروفة ، هي ثورات ماض ظل يتشكل باستمرار ، ويتطور من أشكال الإدارات البدائية ، ليصل حجم الدولة الراهنة ، بتحدياتها التي واكـبت وانبثقـت عن قوي الاستعمار العالمي ، الإيطالي والبريطاني والفرنسي والروسي والألماني والتركي ، والاستعمار الإقلـيمي الإثيوبي ، وهو ذلك الماضي الذي لم يجـد التاريخ توصيفه ، لأنه لم يكـتب بيـد أبنائه .


و...نواصــــــــل

Kordofan