استنطاق الدلالات التاريخية في القرن الافريقي - 4
إن التحولات التي نتجـت عن الهجـرات القديمة والتمازج في الأرض الإرترية ، خلقت شعبا مميزا ، مدركا لأصول وحدته القومية الآن . ويظهر ذلك بكل وضوح من خلال علاقات المودة الطاغية بين القوميات الثقافية ، والغيرة المتبادلة لتعزيز هذه العلاقات بما يميزها عن علاقات الشعوب الأخرى المختلفة في المنطقة .
هذا الإرث من التحول نتج بشكل أساسي ، عن الطريقة السلسة التي تم بها ، لذلك فهو لم يُصَبْ بعقـدة التحـول القسري ، الذي كان قد تم فرضه علي الأقاليـم التي تكونت منها الإمبراطورية الإثيوبية . ويبـدو أن التعلــيل المعقـول لهـذا التحـليـل هو كما قالـت إحدى المراجع ( إن المهاجـرين يتكيفـون سلمـيا ، أو يغـيرون بشكـل محسوس ، الحضارة التي كانت سائدة قبل مجيئهم ، أما الغـزاة فهم يجـبرون المـقيمين علي تبنـي ثقافـات وأساليب حـياة مختلفـة ) لـهذا فعادة ما يتم الترحـيب بالمهاجـرين ، ويبـدأ التفاعـل معهـم فتنتج التحولات ، وعادة ما يتم رفض الغزاة ، ومواجهتهم بكل الأساليب ، حتى وأن طالت تلك المواجهة ، مثل ما يحدث الآن بالنسبة لحركات العفر والأرومو والاوغادين وغيرها من القوميات التي تم دمجها قسرا في إثيوبيا .
من هنـا يمكن أيضا فهم الرفض الإرتري المستمر للغزاة سواء كانوا من الملوك التقراي أو الأمهـرا ، في مختلف حقب التاريخ ، والمواجهات التي تصدت للغزاة الأتراك والأمويين من قبلهم .
إلا أنه لا يمكن القول بأنه لا يوجد ولو تأثير طفيف من ثقافة الغزاة . ولا يعد هذا التأثير الطفيف الظاهري ، بحجم التحول العميق الذي تحفره العلاقة بالمهاجرين ، وهو أي هذا التأثير الطفيف ، عادة ما يكون ظاهريا أكثر من كونه جوهريا ، لذلك فسرعان ما يتلاشي .
من هـنا يمكـن القـول بثقة مؤكدة بأن ثقـافات عقـائدية لم تتميز بالقـبول إلا عـندما هاجـرت وجاورت ، وحاورت بأسلوب من العُشرة ( بضم العين وتسكين الشين وفتح الراء ، وهي كلمة مميزة في ثقافة الـدارج والاجتماعي السوداني ) ، وعلي هذا النحو تم التحول ، أما عندما حاولت فرض ذلك بالعنف ، فقد تعرضت للصدام والآلام .
وتعزز مثل هذه المعرفة بدورها ، وتسم بالتميز علاقات المودة الطاغية بين القوميات الثقافية في إرتريا ، ولابد أن التنظيم السياسي الإرتري بخطابه الثقافي ومنهجه الواعي الواثق ، قد أسهم بنصيب وافر في تعزيز أصالة هذا الوعي القومي .
نقول أصالة ، لأن هذا الوعي الذي انبث في الـذات الإرترية ، نبت في بدائياته وتجسد ، من خلال المقاومات الأولي للغزاة ، قـبل تكـوين إرتريا كـدولة . فقـد تكون في إطار المنطقة الصغيرة ، والتي تعـتبر كوحدة جغـرافية وطـنا لعشيرة أو مجموعة بيوت صغيرة ، وحيث تجسد الـولاء لهذه المنطقـة ، وللعـرف والتقـلـيد الـذي يحكـم هذه العشيرة ، أو هذه المجموعة من البيوت ، من خـلال رفـض الأجنبـي إذا جـاء غـازيا ، وقـبوله إذا جـاء مهاجـرا ومجـاورا ومحاببـا ، وتفضيله عن الغـازي بل ودعوته حتى إلي المساعدة في رد ذلك الغازي .
كانت هذه هي الفلسفة البسيطة لذلك التحـول الذي أنجـب إرتريا بمواصفاتها الراهنة .
ولقد استمرت هذه الفلسفة في تجلياتها ، منذ امتزاج ثقـافة المرتفعات بثقافة البجا التي أشار إليها ترفاسكيس (11) ، ومنـذ أن أنتـج ذلك الامتزاج الذي كان حميمـا سكان اليوم ، وميزهم عن سكان تقراي . لذلك فقد كانوا يبدون مقاومة مستمرة لأي محاولة ضم من أي نوع من أنواع الحـكم في الأراضي المجاورة ، التي صارت تعـرف باسم إثيوبيا .
وبهذا الفهم يمكن القول ، بأن أي شكل من أشكال التمرد القـديمة علي القهـر الخارجي يعد ثورة . ورغم أن البلاد لم تكن قد اتخذت شكلها الحالي في ذلك الوقت ، إلا أن تلك الثورة في مناطقها المعروفة ، هي ثورات ماض ظل يتشكل باستمرار ، ويتطور من أشكال الإدارات البدائية ، ليصل حجم الدولة الراهنة ، بتحدياتها التي واكـبت وانبثقـت عن قوي الاستعمار العالمي ، الإيطالي والبريطاني والفرنسي والروسي والألماني والتركي ، والاستعمار الإقلـيمي الإثيوبي ، وهو ذلك الماضي الذي لم يجـد التاريخ توصيفه ، لأنه لم يكـتب بيـد أبنائه .
هذا الإرث من التحول نتج بشكل أساسي ، عن الطريقة السلسة التي تم بها ، لذلك فهو لم يُصَبْ بعقـدة التحـول القسري ، الذي كان قد تم فرضه علي الأقاليـم التي تكونت منها الإمبراطورية الإثيوبية . ويبـدو أن التعلــيل المعقـول لهـذا التحـليـل هو كما قالـت إحدى المراجع ( إن المهاجـرين يتكيفـون سلمـيا ، أو يغـيرون بشكـل محسوس ، الحضارة التي كانت سائدة قبل مجيئهم ، أما الغـزاة فهم يجـبرون المـقيمين علي تبنـي ثقافـات وأساليب حـياة مختلفـة ) لـهذا فعادة ما يتم الترحـيب بالمهاجـرين ، ويبـدأ التفاعـل معهـم فتنتج التحولات ، وعادة ما يتم رفض الغزاة ، ومواجهتهم بكل الأساليب ، حتى وأن طالت تلك المواجهة ، مثل ما يحدث الآن بالنسبة لحركات العفر والأرومو والاوغادين وغيرها من القوميات التي تم دمجها قسرا في إثيوبيا .
من هنـا يمكن أيضا فهم الرفض الإرتري المستمر للغزاة سواء كانوا من الملوك التقراي أو الأمهـرا ، في مختلف حقب التاريخ ، والمواجهات التي تصدت للغزاة الأتراك والأمويين من قبلهم .
إلا أنه لا يمكن القول بأنه لا يوجد ولو تأثير طفيف من ثقافة الغزاة . ولا يعد هذا التأثير الطفيف الظاهري ، بحجم التحول العميق الذي تحفره العلاقة بالمهاجرين ، وهو أي هذا التأثير الطفيف ، عادة ما يكون ظاهريا أكثر من كونه جوهريا ، لذلك فسرعان ما يتلاشي .
من هـنا يمكـن القـول بثقة مؤكدة بأن ثقـافات عقـائدية لم تتميز بالقـبول إلا عـندما هاجـرت وجاورت ، وحاورت بأسلوب من العُشرة ( بضم العين وتسكين الشين وفتح الراء ، وهي كلمة مميزة في ثقافة الـدارج والاجتماعي السوداني ) ، وعلي هذا النحو تم التحول ، أما عندما حاولت فرض ذلك بالعنف ، فقد تعرضت للصدام والآلام .
وتعزز مثل هذه المعرفة بدورها ، وتسم بالتميز علاقات المودة الطاغية بين القوميات الثقافية في إرتريا ، ولابد أن التنظيم السياسي الإرتري بخطابه الثقافي ومنهجه الواعي الواثق ، قد أسهم بنصيب وافر في تعزيز أصالة هذا الوعي القومي .
نقول أصالة ، لأن هذا الوعي الذي انبث في الـذات الإرترية ، نبت في بدائياته وتجسد ، من خلال المقاومات الأولي للغزاة ، قـبل تكـوين إرتريا كـدولة . فقـد تكون في إطار المنطقة الصغيرة ، والتي تعـتبر كوحدة جغـرافية وطـنا لعشيرة أو مجموعة بيوت صغيرة ، وحيث تجسد الـولاء لهذه المنطقـة ، وللعـرف والتقـلـيد الـذي يحكـم هذه العشيرة ، أو هذه المجموعة من البيوت ، من خـلال رفـض الأجنبـي إذا جـاء غـازيا ، وقـبوله إذا جـاء مهاجـرا ومجـاورا ومحاببـا ، وتفضيله عن الغـازي بل ودعوته حتى إلي المساعدة في رد ذلك الغازي .
كانت هذه هي الفلسفة البسيطة لذلك التحـول الذي أنجـب إرتريا بمواصفاتها الراهنة .
ولقد استمرت هذه الفلسفة في تجلياتها ، منذ امتزاج ثقـافة المرتفعات بثقافة البجا التي أشار إليها ترفاسكيس (11) ، ومنـذ أن أنتـج ذلك الامتزاج الذي كان حميمـا سكان اليوم ، وميزهم عن سكان تقراي . لذلك فقد كانوا يبدون مقاومة مستمرة لأي محاولة ضم من أي نوع من أنواع الحـكم في الأراضي المجاورة ، التي صارت تعـرف باسم إثيوبيا .
وبهذا الفهم يمكن القول ، بأن أي شكل من أشكال التمرد القـديمة علي القهـر الخارجي يعد ثورة . ورغم أن البلاد لم تكن قد اتخذت شكلها الحالي في ذلك الوقت ، إلا أن تلك الثورة في مناطقها المعروفة ، هي ثورات ماض ظل يتشكل باستمرار ، ويتطور من أشكال الإدارات البدائية ، ليصل حجم الدولة الراهنة ، بتحدياتها التي واكـبت وانبثقـت عن قوي الاستعمار العالمي ، الإيطالي والبريطاني والفرنسي والروسي والألماني والتركي ، والاستعمار الإقلـيمي الإثيوبي ، وهو ذلك الماضي الذي لم يجـد التاريخ توصيفه ، لأنه لم يكـتب بيـد أبنائه .
و...نواصــــــــل
Kordofan
0 Comments:
إرسال تعليق
<< Home