استنطاق الدلالات التاريخية في القرن الافريقي
كان أحد المؤرخين الصادقين مع أنفسهم قد قال ( لا توجد هناك في أي مكان من الكرة الأرضية ، بقعة واسعة من بلد استكشفناه ، خلوة من السكان ، أو يمكن أن يكون سكانها الأوائل ثابتين ، بأي درجة من اليقين التاريخي ) (1
إن التحول والتأثير المتبادل المستمر علامة مميزة في التاريخ ، وصادقة في التعبير عن الوقائع بين الشعوب المتجاورة . وبالنظر إلي هذا مع الإشارة إلي عبارة المؤرخ أعلاه فإن إرتريا ليست استثناء ، إذ كان تاريخها القديم واحدا من التواريخ التي تميزت بموجات من الهجـرات والغـزوات . تلك هي الحقيقة الثابتة
ومثل هذه الحقيقة تعزز استقلال - ما كان إرتريا - في الماضي ، في حقب مضيئة من التاريخ ، ليس هذا فحسب بل تؤكد تأثيرها حتى علي ما كان يطلق عليه اسم الحبشة . لكن المؤثرات الأجنبية التي أشرنا إليها ، كانت تتجه دائما إلي القول بتأثير الحبشة ثم إثيوبيا لاحقا ، وتتجاهل ما لعبته إرتريا من دور بارز في هذا التاريخ ، انطلاقا من ( استراتيجيا البحر ) ، التي كانت تشكل واقعا ماثلا بالنسبة لإرتريا ، تنطلق منه إلي العالم ، وأسطورة بالنسبة للأراضي الواقعة جنوبها
________________________________